الزمن النسبي! وتلك هي حقيقة الأعمار

الزمن النسبي! وتلك هي حقيقة الأعمار

والعمر – عند التفكر في الخلق الإلهي – هو حقيقة الإنسان. إذ ليس المرء إلا بداية ونهاية! ساعة ولادة فساعة وفاة، ولكن.. شتان شتان بين عمر وعمر! ليس ذلك باعتبار الطول والقصر. إذ الأعمار كلها قصيرة كما أسلفناه، ولكن باعتبار العرض والضيق، إذ قد يكون العمر طويلاً – حسب العد البشري النسبي – ولكن يكون ضيقاً من غير سعة. كما قد يكون قصيراً بالاعتبار نفسه، ولكنه عريض جداً، حتى لكأنه لا يكاد ينتهي أبداً. وبيان ذلك بالمثال التالي: هَبْ أن العمر عبارة عن طريق يقطعها الإنسان، لها امتداد طولي وآخر عرضي، والعادة أن الإنسان إنما ينتبه إلى الطول؛ لأن هذا إنما يتعلق بالأعمال والمنجزات خلال كل فترة من فترات الزمن. فالإنسان في سيره خلال عمره نوعان: نوع يخطو دون أن ينتبه إلى عرض الوقت، فيلتهم من طوله ما هو مقدر له، فلا يشعر ببركة العمر مهما طال، حسب العد البشري النسبي. ونوع ينتبه إلى العرض؛ ولذلك فهو إذ يخطو الخطوة الواحدة من عمره، لا ينتقل إلى الثانية حتى يخطو مثلها على عرض الطريق لا على طولها. ليعيش باقي اللحظات التي هي من الخطوة الطولية الأولى نفسها التي خطاها. وهكذا يبقى يخطو على عرض الطريق حتى يستوعب كل عرضها. وحيئنذ فقط، ينتقل إلى أمام ليخطو خطوة أخرى على طولها. ثم يستأنف بعد خطوات العرض! فهو إذن يسير طولاً وعرضاً.