أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ – رضي الله عنه - 

أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِدُعَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ "أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ؟". تَقُولُ اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ".

كان النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يدعو الله – عز وجل – بأدعية كثيرة جامعة لخصال الخير كلها، بأسلوب بياني ساحر، يأخذ بمجامع القلوب المؤمنة، ويملك على السامعين مشاعرهم، ويسيطر على أحساسيسهم، فلا يسعهم إلا أن يجتهدوا في تحصيلها وحفظها، ليلهجوا بها خاشعين خاضعين ضارعين أسوة به – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –! لما عرفوا من أن الدعاء مخ العبادة، وترجمة صادقة عن العبودية الخالصة، ومظهر عميق الدلالة على كمال الافتقار إلى الواحد القهار.

 وقد كان أبو أمامة - رضي الله عنه – يتتبع دعاء النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – هو ومن معه من خيرة أصحابه بكل إنصات وإعجاب، ليحفظوه، فلم يستطيعوا ذلك لكثرته، وعرف النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ذلك في وجوههم بنور بصيرته، وقوة فطنته، فعرض عليهم عرضاً رقيقاً رقيقاً، أن يعلمهم دعاء موجزاً بليغاً، فقال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – 

"أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ؟" 

أي ألا أدلكم على دعاء جامع لما قد سمعتموه مني على كثرته وطوله، ليكون لكم زخراً، تجدون له حلاوة في قلوبكم، وتشعرون بخفته على ألسنتكم، فتشوفت قلوبهم لهذا العرض الذي طالما تمناه هؤلاء الأخيار، فقال: تقول 

"اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –" إلى آخر الحديث.

وقد خاطب الراوي وهو أبو أمامة، أو وجه الخطاب لكل من أراد أن يدعو بهذا الدعاء الجامع.

ومعناه واضح مشرق لا يحتاج إلى بيان، ولكنه يشتمل على لطائف بيانية، وأحكام شرعية، لمجملها فيما يلي:

1- كان الدعاء دين الأنبياء، فهم من أكثر الناس تضرعاً إلى الله – تبارك وتعالى، وأعظمهم في ذلك أفضلهم وأتقاهم وخاتمهم محمد – صلوات الله عليه وعليهم جميعاً.

ونهج نهجهم في ذلك أولياء الله الصالحون من كل أمة، وكان أسبقهم إلى الخيرات، وخالص الدعوات أصحاب محمد – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثم التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وقد عرفنا – فيما سبق – أن الدعاء مخ العبادة، بل هو روحها وريحانها وعمدتها وسلطانها.

2- ولا شك أن الدعاء بالوارد عن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أولى وأفضل، وأقرب إلى القبول، وأعظم للأجر، وإلا فلماذا حرص أصحاب النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – على أن يحفظوا كل ما دعا به الصادق المصدوق – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –.
 وعلى المسلم أن يتخير منه ما يسهل عليه حفظه، ويخف على لسانه النطق به، ويجد له في قلبه حلاوة، ويكون أصدق تعبيراً على ما يرجوه من ربه عز وجل.
 3- وعلى المعلم أن يتعرف حال من يتلقى منه العلم، فيخاطبه على قدر عقله ووعيه، ويعلمه ما هو في حاجة إليه بأسلوب لا يشق عليه فهمه، ولا يصعب عليه تعليمه.

ومن هنا كان من الأوصاف التي ينبغي أن يتحلى بها المعلم أن يكون فطناً ذكياً حاذقاً، بصيراً بتشخيص الداء ووصف الدواء، حكيماً في تحريه مواطن العظة والعبرة، وأوقاتها وطرقها ومسالكها.

وليس هناك من يداني رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في ذكائه وفطنته وحكمته وبصيرته، فهو – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حكيم تفجرت من ينابيعه الحكمة، بل هو الحكمة نفسها – كما ذكرنا في مقدمة هذا الكتاب -، فهو ذكر ترجم الذكر بخلقه الفاضل، وسلوكه النبيل، فقد عمل بالقرآن حتى تقرأن فبدا للناس قرآناً تراه أعينهم، كما تسمعه آذانهم.

4- قال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : "تقول:

 اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –" 

ولم يقل من كل خير سألك منه نبيك محمد، أتدري لماذا؟

أقول: إن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يدعو لتحصيل خير قد خصه الله به، وفتح له أبواب الدعاء فيه، ويدعو لتحصيل خير له ولأمته، وفتح له ولأمته أبواب الدعاء فيه، فلا يليق بمسلم أن يسأل ربه من كل خير سأله منه نبيه محمد – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ولكن يسأله بعضه تأدباً مع الله – عز وجل -، واعترافاً لنبيه بهذه الخصوصية، وإجمالاً في الطلب؛ فإن الله – عز وجل – لا يعطي عبده كل ما يسأله إياه، ولكن يعطيه بقدر معلوم عنده، رعاية لمصلحته، ومصالح الآخرين ممن يعيشون معه على هذه الأرض، وحرصاً على عبوديته أن يعتريها ما يفسدها قال تعالى: 

{ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ }

(سورة الشورى: 27).

ولو قال العبد اللهم إني أسألك من كل خير سألك منه نبيك محمد لجاز من غير كراهة؛ لأن لفظ كل لا يعني الجميع، فهو من الألفاظ التي تفيد الأكثرية والحكم فيها يكون على المجموع لا على الجميع، كما في قوله تعالى: 

{ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ } 

فالريح إذا لم تدمر كل شيء بدليل قوله تعالى: 

{ فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ } 

(سورة الأحقاف: 25).

وعليه يحمل أيضاً قوله تعالى حكاية عن سليمان – عليه السلام –: 

{ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ }

(سورة النمل: 16).

وقوله تعالى حكاية عن بلقيس على لسان الهدهد: 

{ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ }

(سورة النمل: 23).

5- وإذا سأل العبد ربه من الخير يجدر به أن يستعيذ به من الشر، وبذلك يكون قد سأل الله الخير مرتين؛ لأن دفع الشر هو جلب للخير.

وقد وضع الدين – كما يقول علماء الأصول – رعاية لمصالح العباد في العاجل والآجل، ومصالح العباد تتمثل في دفع المفسدة وجلب المنفعة.

ودفع المفسدة – كما يذكر الشاطبي في الموافقات – جلب للمنفعة، فمصالح العباد إذا كلها مبنية على جلب المنفعة الدنيوية والأخروية. 

والشأن في الدعاء أن يكون مطنباً لإظهار كمال الافتقار إلى الله – عز وجل – ومع إطنابه يكون جامعاً. 

وهذا الحديث فيه إطناب ما؛ إذ لو اقتصر على قوله: 

"اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –" لكفى، ولو اقتصر على قوله: "وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –" 

لكفى، ولكن هذا الطباق فيه امتاع للقلب، وإشباع للعاطفة، وتوكيد للرجاء.

6- وقد ختم هذا الدعاء بما يرفعه إلى الله – عز وجل – وهو قول الداعي: 

"وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ".

وقد تضمن هذا الختام براهين صحة الإيمان وسلامة اليقين كلها.

فهو المستعان الذي يستمد منه العون والتوفيق في جيمع الأمور، فقول العبد في آخر دعائه: "وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ" وقوف به على آخر مراتب الإيمان، وذلك لأن جميع مقامات الصالحين ومنازلهم من القرب منحصرة بين قوله تعالى: 

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } 

فمن { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } يكون البدء، وإلى { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } يكون القرب إلى ساحات الجلال والجمال والكمال.

وأما قوله: 

"وَعَلَيْكَ الْبَلَاغُ" 

فمعناه: عليك تحقيق الآمال تفضلاً منك علينا ورحمة بنا.

وأما قوله: 

"وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" 

فمعناه لا يتحول حال عن حال إلا بإرادة الله النافذة، وقدرته المنفذة، وهي تعبير صادق عن التسليم الكامل لله – عز وجل – بكل ما يقدره ويقضي به.

وهذه الكلمة كنز من كنوز الجنة كما سبق بيانه في حديث سابق.

7- وكما يختم الدعاء بمثل هذه الكلمات الثلاثة ينبغي أن يبدأ بالثناء على الله بما هو أهله؛ فالبدء والختام يرفع الدعاء، ويقبل ويستجاب.
 
روى الترمذي – في سننه – عن فضالة بن عبيد  - رضي الله عنه – قال: 

"عَجِلْتَ أَيّهَا الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَصَلِّ عَلَيَّ ثُمَّ ادْعُهُ".قَالَ ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : "أَيُّهَا الْمُصَلِّي ادْعُ تُجَبْ" 

وسيأتي لهذا الحديث شرح فيما بعد.

ولكن لماذا لم يأمر أصحابه بما أمر به في حديث فضالة؟

أقول: ربما يكون أصحابه قد علموا بما جاء في حديث فضالة من قبل، فاعتمد على علمهم، فلم يأمرهم بما أمر به الرجل الذي تعجل في دعائه فلم يحمد الله قبله، ولم يثن عليه بما هو أهله، والله أعلم بالصواب.

وبعد، فهذا ما وسعني استنباطه من اللطائف والأحكام ولا يفوتني هنا أن أنبه على حقيقة هامة تتعلق بقبول الدعاء ورده.

خلاصتها: أن للدعاء آداباً ينبغي مراعاتها إذا اختل أدب منها ربما يرد الدعاء على صاحبه، ولا يرفع فوق رأسه شبراً.

وهذه الآداب كثيرة نكتفي هنا بذكر أهمها فنقول:

الأدب الأول: أن يدعو العبد بقلبه ولسانه معاً بإخلاص ورجاء صادق، 

فِإِنّ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. 

كما جاء في الحديث الصحيح المشهور عن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –.

فإن لم يشترك القلب مع اللسان، فلا عبرة به، ولا يرجى نفعه غالباً.

فليجمع المسلم قلبه عند الدعاء ما أمكن.

الأدب الثاني: أن يكون الداعي موقناً بالإجابة، فإن ذلك يجعل دعاءه مقبولاً، يؤجر عليه، وإن لم يجب فيه، فالإجابة أمر يتوقف على إرادته وحكمته جل شأنه، على ما سيأتي بيانه قريباً. 

روى الترمذي في سننه والحاكم عن أبي هريرة –  رضي الله عنه  – أن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: 

"ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ".

الأدب الثالث: ألا يتعجل في دعائه بل يقدم بين يديه شيء من الحمد والثناء – كما ذكرنا آنفاً - .

الأدب الرابع: ألا يتعجل الإجابة، بل يكل الأمر لخالقه – عز وجل - ، فقد يكون في تأخير الإجابة خير له، وقد يكون عدم الإجابة – أيضاً – خيراً له؛ فالإنسان قد يدعو على نفسه، وهو يعتقد أنه يدعو لها.

يقول الله – عز وجل – 

{ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا }

(سورة الإسراء: 11).

 وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: 

"يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي". 


ولابن عطاء الله حكمة في هذا الأدب ينبغي أن يعمل بها كل مسلم يقول  –  رضي الله عنه  – في حكمه: (لا يكن تأخير العطاء مع الإلحاح في الدعاء أمراً يوجب يأسك؛ فقد ضمن لك الخير فيما يختاره لك، لا فيما تختاره أنت لنفسك، وفي الوقت الذي يريد هو لا في الوقت الذي تريده أنت).
 الأدب الخامس: ألا يكون في دعائه إثم أو قطيعة رحم؛ فإن ذلك عدوان يمنع قبول الدعاء، والمسلم بطبعه محب للخير لا يدعو على أحد بما يؤذيه، أو يطغيه، بل يدعو لكل الناس بالهداية والتوفيق، ويثق بأن الله لن يخلف وعده معه في قوله: 

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } 

(سورة البقرة: 186).

فإن الله – عز وجل – يستجيب له بواحدة من ثلاثة وردت في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والبزار وأبو يعلى والحاكم وغيرهم عن أبي سعيد بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر. قال: الله أكثر".
 الأدب السادس: أن يتخير المسلم لدعائه الأوقات التي يغلب على ظنه أن الدعاء يستجاب فيها، والتي وردت في فضلها نصوص شرعية كيوم عرفة وشهر رمضان، ويوم الجمعة، ووقت السحر، والوقت الذي بين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعقب الصلوات المفروضة وغيرها، ويغتنم وجوده في الأماكن المفضلة كالمسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، وسائر المساجد الأخرى.

الأدب السابع: أن يستقبل القبلة في دعائه، ويرفع يديه إلى أعلى، وكفاه مبسوطتان، ولا يرفع صوته جداً بالدعاء با يجعله بين المخافتة والرفع.

وأن لا يتكلف السجع في الدعاء، وألا يدعو بما لا يفهم. كما يفعل المقلدون في الطواف والسعي وغيرهما.

الأدب الثامن: أن يلح في الدعاء ويكرره ثلاثاً.

فقد كان النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إذا دعا دعا ثلاثاُ، كما رواه غير واحد من أهل السنن عن ابن مسعود – رضي الله عنه -. 

هذه هي أهم الآداب التي ينبغي مراعاتها في الدعاء، ذكرتها إجمالاً هنا، وسيأتي لها تفصيل في أحاديث أخرى متفرقة. 


والله ولي التوفيق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.