تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ– رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَحبَبتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَال ٍوَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: "لَا" ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: "تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ".
الإنجاب ثمرة من أعظم ثمرات الزواج ومقصد من أهم المقاصد، بل هو المقصد الأصلي وما سواه تبع له، وطلبه واجب على الكفاية، بمعنى أن الناس لو تركوا هذا المطلب ولم يسعوا إلى تحصيله أثموا جميعاً.
وذلك لأن الإنجاب حفظ النسل واستمرار لبقاء الإنسانية حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ومن أجل ذلك شرع الله الزواج ووضع له نظاماً دقيقاً محكماً يكفل لكل من الزوجين حقه على الآخر في ظل المودة والرحمة، وحثهما على الإنجاب بأسلوب يفصح عن مدى الحاجة إليه والرغبة فيه، والتمتع به والشكر عليه.
قال عليه الصلاة والسلام: "تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ". فكانت هذه الوصية قاطعة في النهي عن الزواج من العقيم التي لا تلد.
"الْوَدُودَ" من كثر ودها لزوجها وأحمائها وجيرانها وذوي قرباه وذوي قرباها. هي الودود بطبعها لا بالتصنع والتكلف؛ فإن التصنع في الود والتكلف في إظهاره سرعان ما يكتشف زيفه فتقف من زوجها وأهله موقف الخزي والهوان وينقلب الحال وتسوء العشرة؛ لأن الطبع يغلب التطبع.
المرأة الولود فنقول: هي التي يكثر نسلها، بمعنى أنها تلد في السنة مرة فتسعد زوجها بذلك ولاسيما إن ولدت ذكراً، فالعرب كانوا – ولا يزالون – يحبون الذكور أكثر من حبهم للإناث، مع أن في الإناث خيراً لأبويهن في الدنيا والآخرة، لو كانوا يعلمون.
والرسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُرغب في الزواج منها من أجل تكثير النسل الصالح، الذي يباهي به الأمم يوم القيامة.
أما النسل الفاسد فليس له بالرسول– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – صلة؛ فهو لا يعرف الرسول، ولا الرسول يعرفه، فهم غثاء كغثاء السيل، ليس فيهم من الإسلام حبة خردل.