ما بال أقوام

ما بال أقوام

من هدي رسول الله: ألا يستخدمَ القول المباشر في تعليم الناس، إنما يخاطبهم بعموم القول؛ كيلا يشعر أحد بالحرَج، وتهتز ثقته بنفسه، وينعزل عن جماعته وإخوته وأمته؛ لذا كان رسول الله يستخدم ذلك القول اللطيف في كثير من الأحيان: ((ما بال أقوام)).
ولنَرَ كيف ردَّ الرسول وعلَّم صحابته وردَّهم إلى الصواب بذلك الأسلوب الذي لا يتعمَّد إساءة أو تخصيصًا لأحد بالذنب؛ لِما في ذلك من مراعاة شعور المخطئ، والتأكيد على عموم التوجيه.
حدث هذا في مواقف عدة، أشهرها: عندما جاء نفرٌ من الصحابة يريدون معرفة كيفية عبادة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصلاته، فسألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمله في السر، فأخبرتهم زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يصوم أحيانًا ويُفطر أحيانًا، وينام بعضًا من الليل، ويصلِّي بعضه، فقال بعضهم لبعض: هذا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد غُفِر الله له ما تقدَّم من ذنبه، ثم اتخذ كل واحد منهم قرارًا!
فقال أحدهم: أنا لن أتزوَّج، وقال الآخر: وأنا سأصوم دائمًا، وقال الثالث: وأنا لا أنام الليل.
فبلغ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ما قالوه، فقام على مِنبره، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
ما بالُ أقوامٍ، ((هكذا مبهمًا، لم يقل ما بال فلان وفلان)). 

((ما بال أقوام قالوا: كذا وكذا، لكنِّي أُصلي، وأنام، وأصوم، وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنَّتي، فليس مني)) 

متفق عليه.