س 152 : ما منزلة الإيمان بالقدر من الدين؟
س 152 : ما منزلة الإيمان بالقدر من الدين؟
ج : الإيمان بالقدر نظام التوحيد كما أن الإيمان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شره هي نظام الشرع، ولا ينتظم أمر الدين ويستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل الشرع، كما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالقدر ثم قال لمن قال له: «أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: " اعملوا فكل ميسر لما خلق له» ، فمن نفى القدر زاعما منافاته للشرع فقد عطل الله تعالى عن علمه وقدرته وجعل العبد مستقلا بأفعاله خالقا لها، فأثبت مع الله تعالى خالقا، بل أثبت أن (جميع المخلوقين خالقون) ، ومن أثبته محتجا به على الشرع محاربا له به نافيا عن العبد قدرته واختياره التي منحه الله تعالى إياها وكلفه بحسبها زاعما أن الله كلف عباده ما لا يطاق، كتكليف الأعمى بنقط المصحف، فقد نسب الله تعالى إلى الظلم وكان إمامه في ذلك إبليس لعنه الله تعالى
إذ يقول:
( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم)
[الأعراف: 16]
وأما المؤمنون حقا فيؤمنون بالقدر خيره وشره وأن الله خالق ذلك كله، وينقادون للشرع أمره ونهيه ويحكمونه في أنفسهم سرا وجهرا، والهداية والإضلال بيد الله يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بعدله، وهو أعلم بمواقع فضله وعدله
(هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى)
[النجم: 30]
وله في ذلك الحكمة البالغة والحجة الدامغة، وأن الثواب والعقاب مترتب على الشرع فعلا وتركا على القدر، وإنما يعزون أنفسهم بالقدر عند المصائب، فإذا وفقوا لحسنه عرفوا الحق لأهله فقالوا
(الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)
[الأعراف: 43]
ولم يقولوا كما قال الفاجر
( إنما أوتيته على علم عندي)
[القصص: 78]
وإذا اقترفوا سيئة قالوا كما قال الأبوان
( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)
[الأعراف: 23]
ولم يقولوا كقول الشيطان الرجيم
(رب بما أغويتني)
[الحجر: 39]
وإذا أصابتهم مصيبة قالوا:
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
[البقرة: 156]
ولم يقولوا كما قال الذين كفروا
( وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير)
[آل عمران: 156]