لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ
عَنْ عَائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا".
الهجرة في سبيل الله محط أنظار المسلمين ومنتهى بغيتهم في كل زمان ومكان، لا يغفلون عنها بجمع حطام الدنيا والتفاني في طلبها، كما يفعل الكثير ممن تلهيهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله، فهم مهاجرون في سبيل الله دائماً إما بأموالهم وأنفسهم أو بنياتهم.
فالهجرة هجرتان: هجرة بالجسد، وهجرة بالروح. وإن شئت قلت: هجرة بالعمل، وهجرة بالنية.
والهجرة بالجسد هجرتان: هجرة طلب، وهجرة هرب.
والهجرة بالروح هجرتان أيضاً: هجرة من المعاصي إلى الطاعات، وهجرة من الله إليه، إذ لا منجاة منه إلا إليه.
أما الهجرة قبل الفتح أفضل من الهجرة بعدها فلا نزاع فيه؛ لأنها كانت طلباً لنشر الإسلام وتحقيقاً للموقع الذي ينطلقون منه إلى محاربة الشرك وأهله، وهرباً من الفتنة وهي الكفر والضلال، ولأن المسلمين الذين هاجروا مع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا هم الصفوة من أصحابه والخيرة من رجاله.