إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ

إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ

عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

" إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ".

قاعدة الإحسان في الشريعة الإسلامية قاعدة مكينة تبنى عليها جميع الأحكام التكليفية والمبادئ الخلقية، وهي قرينة العدل والمعروف والوفاء والرحمة.

وقد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بها حديثه مع المؤمنين، وقدمها في هذه الوصية التي تعد مثلاً رائعاً في الأخذ بالإحسان في كل عمل يعمله المرء حتى ولو كان في ظاهر هذا العمل قسوة، أو الشأن فيه عند بادي الرأي أن تكون الغلظة فيه مقدمة على الرحمة.

والتعبير بقوله: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ" يدل على أن الإحسان – وهو التحسين والإتقان – أمر قدره الله على جميع الخلق وفرغ منه، وأوجبه على كل مكلف وجوب فرض أو ما يقارب الفرض.

وبيان ذلك أن لفظ كتب في الشرع يعني الوجوب غالباً، فهذا هو الأصل فيه وهذه هي حقيقته الشرعية كقوله تعالى:

{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ }

(سورة البقرة: 183)

{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى }

(سورة البقرة: 178)

ولكن قد يخرج هذا اللفظ عن حقيقته إلى معنى الطلب.

والطلب نوعان: طلب على سبيل الفرض، وطلب على سبيل الندب.

والطلب أيضاً قد يكون بمعنى افعل كذا وافعل كذا، وقد يكون بمعنى اترك كذا واترك كذا.

ويسمى هذا الطلب خطاب الشرع.

وقد قسم الأصوليون خطاب الشرع إلى خطاب تكليف، وإلى خطاب وضع، وقسموا خطاب التكليف إلى خمسة أقسام وهي: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهية، والإباحة.

ولا يعنينا هنا أن نستفيض في هذا التقسيم ولكن يعنينا أن نفهم أن لفظ كتب قد يتسع ويتسع فيشمل بعمومه كل شيء أمرنا به أو نُهينا عنه، أو أبيح لنا فعله أو تركه، فيكون المعنى: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عليكم أن تحسنوا في كل شيء أمرتم بفعله فتؤدوه على وجه الإتقان ما استطعتم، وأن تحسنوا في كل شيء نهيتم عن فعله أو خيرتم فيه، فيكون المؤمن عند مرضاة ربه على الوجه الذي يحبه ويستحسنه، والحسن ما حسنه الله، والقبيح ما قبحه الله، لا ما حسنه الإنسان أو قبحه بعقله وهواه.

ومن هنا وجب على كل مكلف أن يتعرف على طرق الإحسان ومواطنة في كل شيء من شئون الدين والدنيا حتى يستطيع أن يحسن فيه ويتقنه بالوسائل المتاحة له.