أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ

أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: 

"أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ".

النكاح عقد مقدس وميثاق غليظ، يأخذه كل من الزوجين على الآخر، بمقتضاه يباح لهما أن يستمتع كل منهما بصاحبه في الحدود التي حدها الله عز وجل.

وهو سنة من سنن الفطرة وضرورة من ضرورات الحياة، به تتوثق الصلات بين الأسر والمجتمعات وبه يحفظ النسل، وبه تعمر الأرض.

والشأن في هذا العقد أن يكون معلناً مشتهراً بين الأهل والجيران ومن في حكمهم ممن له صلة بالمتعاقدين، حفظاً للأسباب والحرمات من القيل والقال.

لهذا أوصى النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أهل الزوجين أن يعلنوا عنه بالوسائل المعروفة في عصرهم وفي الأماكن التي يرتادونها في عبادتهم.

وهذا الحديث يشتمل على ثلاث وصايا متلازمة.

الوصية الأولى: إعلان النكاح بالطرق المشروعة وهي كثيرة ومعروفة، وللناس عادات موروثة في إشهار النكاح، أقر الإسلام ما كان منها حسناً وأنكر ما كان منها قبيحاً.

والوصية الثانية: بيان للمكان الذي يُعلن فيه النكاح، وهو المساجد التي يجتمع فيها الصالحون في كل صلاة، وهي أفضل بقاع الأرض وأشرفها، وعقد النكاح كذلك من أفضل العقود وأشرفها، فلا عجب أن يأمر النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بجعله فيها. وفي ذلك من الفوائد ما فيه.

ومنها: أن الله – عز وجل – يبارك هذا العقد، ويمن على المتعاقدين بحسن الصحبة ودوام العشرة، ويزيدهما مودة ورحمة.

وهناك فائدة أخرى لا يكاد الناس ينظرون إليها، وهي أن الزوجين يتعاهدان في بيت الله على الصدق والإخلاص وحسن العشرة أمام الله عز وجل في أحب البقاع إليه، فيخرجان من المسجد تغمرهما السكينة والوقار، ويجدان في أنفسهما قبولاً حسناً لا يجدانه لو عقد النكاح في غيره، ويظل كما منهما على ذكر من هذا المكان المهيب، الذي تم العقد فيه، فيتجدد بينهما الود ويتعمق الحب.

وأي زواج بدأ بالطاعة والتقرب إلى الله، فإنه عروة لا تنقصم إن شاء الله، فليستبشر كل عروسين بالعقد وبالمكان الذي تم فيه، فالسرور كل السرور في طاعة الله والاتجاه إليه في أمره كله.

والوصية الثالثة: هي الأمر بضرب الدفوف، ويكون في غير المساجد قطعاً.