اسْقِهِ عَسَلً

اسْقِهِ عَسَلً

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ –

أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، فَقَالَ: "اسْقِهِ عَسَلًا"، ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ: "اسْقِهِ عَسَلًا" ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: "اسْقِهِ عَسَلًا"، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَقَالَ: "صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلًا، فَسَقَاهُ فَبَرَأَ".

اشتهر النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بين أصحابه بالطب والحكمة، فكان يعرف كيف يُشخص الداء ويصف الدواء، وتلك بصيرة من بصائره، التي خصه الله بها دون سائر الخلق، فكان – صلوات الله وسلامه عليه – يفتح صدره لمن جاءه يسأله عن أي شيء يتعلق به حكم شرعي أو نفع دنيوي خاص به أو بواحد من إخوانه، فيجيبه إجابة مقنعة، يسعد بها ويعتبرها وحياً من الله إليه بواسطة الإلهام أو بواسطة جبريل – عليه السلام – ويعمل بما يوصيه به ويرشده إليه.

فقد قرأت في بعض الكتب أن العسل إذا شربه المبطون أحدث له استطلاقاً – أي إسهالاً – تخرج معه الجراثيم المسببة للمرض شيئاً فشيئاً حتى يبرأ تماماً.

فالعسل فيه شفاء ما، بقدر ما، في وقت ما، لمرض ما، وشخص ما، وليس فيه شفاء كله في التو والساعة لجميع الأمراض، ولكل الناس كما يتوهم بعض من لا فقه لهم بالقرآن والسنة، والطبيعة البشرية.

والذي ثبت لدينا وأيده الواقع هو: أنه شفاء لكثير وكثير من الأمراض المستعصية، ولكن ليس لجميع الأمراض، ولا لجميع الأشخاص. بل هو كما قلنا فيه شفاء ما، بقدر ما... إلى آخر ما ذكرنا.

وفي هذه الوصية يتجلى لنا يقين الرسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بأن العسل هو العلاج الناجح لأمراض البطن بوجه عام.

وهذا لا يمنع أن يكون هناك أدوية أخرى غير العسل، ولا يمنع أيضاً أن يكون هناك أمراض أخرى غير التي كانت متفشية في عصره لا ينفع العسل علاجاً لها. إذ ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل على التعميم.