هل البخاري ومسلم معصومين؟
أما في علوم الحديث فقد سطع في سمائها الإمام البخاري، والإمام مسلم رضي الله عنهما، وصار لكتابيهما منزلة لا تضارع في هذا المجال.
وهذه القمم الشامخة، والأئمة الأعلام صاروا "حجة" في تخصصاتهم، ورموزاً في تاريخ الحركة العلمية الإسلامية، وخصوم الإسلام المعاصرون، يصوبون سهامهم دائماً نحو هذه القمم، وتلك الرموز، لأن في النيل منهم نيلاً من المعارف التي برزوا فيها، إنهم أصحاب "العروش" التي تحمي حمى الدين. فكان إسقاطهم عند خصوم الإسلام، وعملاء خصوم الإسلام مطلباً "استراتيجياً" يسعون لتحقيقه بكل ما أوتوا من دهاء ومكر وخديعة.
وجرياً على هذا "المنهج" ترى منكري السُّنَّة يتخذون منهما غرضاً لقذائفهم، لأنهم يعلمون أن الأمة شديدة التقدير لهما عظيمة الثقة في صحيحيهما، فإذا نجحوا في العصف بهما أصابوا السُّنَّة والأمة معاً في مقتل يصعب بعده استمرار الحياة، فقد جعلوا من أسبابهم (شبهاتهم) لإنكار السُّنَّة الطعن فيهما، وفي عملهما، لتنهار بعد ذلك صروح السُّنَّة في غيرهما من الكتب والمصنفات الأخرى. هذا هو السر في التركيز على صحيحي البخاري ومسلم في هذه الآونة. إنهم يدعون أن في صحيحي البخاري ومسلم مما عدوه صحيحاً من الأحاديث: ما يخالف القرآن، وما يخالف العقل، وما يخالف الواقع المحسوس وما يقدح في عدالة الله، وما يوافق مكايد اليهود للإسلام؟ّ! وما يوافق هوى النصارى، وما هو خرافة خالصة؟!.
وأيا كان الأمر فإن نقد علماء الحديث لبعض ما في البخاري ومسلم ليس فيه لمنكري السُّنَّة حجة، بل هو حجة عليهم، حيث لم ينظر المحدثون إلى هذين الإمامين الجليلين نظرة تقديس ترفعهما إلى درجة العصمة من الخطأ والسهو، وإنما كملوا بنقدهم لبعض ما في الصحيحين الاتقان الذي يبث في النفوس الاطمئنان إلى سلامة السُّنَّة المعتمدة لدى الأمة من التزوير والخلل، وهذا ما يريده منكرو السُّنَّة من شغبهم وصياحهم الآن.