هل تتلو القرآن أم تتلقاه!!
كثيرون هم أولئك الناس الذين يتلون القرآن اليوم، أو يستمعون له على الإجمال، على أشكال وأغراض مختلفة. ولكن قليل منهم من (يتلقى) القرآن!
وإنما يؤتي القرآن ثمار الذكر حقيقة لمن تلقاه ، وإنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقي القرآن من ربه. قال تعالى
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}
(النمل: 6).
ولا يزال القرآن معروضاً لمن يتلقاه وليس لمن يتلوه فقط! وما أدق وأجمل كلمات الشاعر الباكستاني محمد إقبال في هذا ! إذ قال رحمه الله: تجلي النور فوق الطور باق فهل بقي الكليم بطور سينا؟
و(تلقي القرآن) بمعنى استقبال القلب للوحي على سبيل الذكر، إنما يكون يأخذه ـ فضلاً عن كونه إنزالاً ـ على أنه تنزيل. حيث يتعامل معه العبد، ويتدبره آية، آية باعتبار أنها تنزلت عليه لتخاطبه هو في نفسه ووجدانه فتبعث قلبه حياً في عصره وزمانه! ومن هنا وصف الله تعالى العبد الذي (يتلقى القرآن) بهذا المعنى؛ بأنه (يلقي) له السمع بشهود القلب! قال تعالى:
{إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}
(ق:37).
وذلك هو الذاكر حقاً الذي يحصل الذكرى ولا يكون من الغالفين.
أن تتلقى القرآن: معناه إذن؛ أن تصغى إلى الله يخاطبك! فتبصر حقائق الآيات وهي تتنزل على قلبك روحاً وبهذا تقع اليقظة والتذكر، ثم يقع التخلق بالقرآن؛ على نحو ما هو مذكور في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لما سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن!